كشفت عدة رسائل في البريد الإلكتروني الخاص بوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، طبيعة التنافس الدولي والإقليمي على اغتنام النفوذ السياسي والاقتصادي في ليبيا بعد سقوط نظام القذافي، إلى حد التفكير الجدي في تقسيم ليبيا إلى أقاليم. وعقد اتفاقات سرية “مبدئية” في فترة المجلس الانتقالي. تُظهر رسالة من مصدر مجهول بتاريخ 12 أبريل 2011 كيف لعبت بريطانيا دوراً مزدوجاً في تعاملها مع المسألة الليبية. ظاهرياً، شاركت ضمن حلف الناتو في الحرب الجوية المساندة لحرب الثوار على الأرض ضد قوات نظام القذافي، وسرّياً (استخباراتياً) فتحت قناة تواصل مع مسؤولين بارزين في نظام القذافي، كي تضمن لها دوراً سياسيا ومصالح اقتصادية، إذا ما فشلت الثورة في إسقاط النظام، وبات البديل تقاسم السلطة. وهو ما تبينه رسالة في بريد هيلاري كلينتون بتاريخ 3 يونيو 2011، نقلاً عن مصادر مُقرَّبة من دائرة سيف الإسلام الضيقة، مفادها أن “الحكومة الليبية (التابعة لنظام القذافي) عقدت محادثات سرّية مع الحكومة البريطانية رغبةً في الحصول على دعمها للتوصُّل إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع المجلس الوطني الانتقالي، يؤدي إلى اتفاق لتقاسم السلطة، على أساس أن يتقلد سيف الإسلام منصب رئيس الدولة، ويحظى المجلس الوطني الانتقالي بتشكيل الحكومة، مع السماح للقذافي بالخروج من ليبيا إلى منفى يختاره دون رفع قضايا ضده سواء في ليبيا أو لدى المحاكم الدولية.” وتذكر الرسالة نفسها أن أعضاء باللجنة العسكرية بالمجلس الوطني الانتقالي توصلوا إلى معلومات مسرَّبة من مصادر فرنسية وإيطالية (يهمها على ما يبدو فضح المناورة البريطانية في إطار التنافس على الكعكة) تؤكد أن دبلوماسيين وشخصيات مخابراتية بريطانية على تواصل مع مسؤولين بحكومة القذافي لضمان فعالية الدور البريطاني “إذا ما وصلت الثورة الليبية إلى طريق مسدود..” وذلك في الوقت الذي كانت فيه بريطانيا تُبدي للمجلس الوطني الانتقالي استعدادها لتقديم المساعدة.